لماذا تزدهر المكلا في النصف الثاني من تموز؟

أصوات خضراء- علي الحبشي

 

على الرغم من حالة الحرب التي تمر بها اليمن، إلا أن بعض المدن والمناطق اليمنية شهدت تطورًا سياحيًا ملحوظًا. في هذا السياق، يُعد “موسم البلدة” على ساحل حضرموت نموذجًا مميزًا لكيفية استغلال الموارد الطبيعية والبيئية لتحقيق عائدات اقتصادية لأهل المنطقة.

 

فقد نجح أهالي مدينة المكلا في تحويل الظواهر الطبيعية الموسمية إلى سياحة مزدهرة، الأمر الذي ساهم في تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص عمل للشباب في المدينة. خلال الفترة من 15 إلى 27 يوليو، تشهد سواحل حضرموت والمهرة تيارات بحرية باردة قادمة من عرض البحر، مما يؤدي إلى تلطيف الجو في المنطقة وانخفاض درجات الحرارة.

 

خلال هذا الموسم، تُقام العديد من الحفلات والعروض الموسيقية والفنية التي تعكس التراث الفني والثقافي الحضرمي.

هذه الظاهرة الطبيعية تتحول إلى حراك ثقافي وسياحي واسع في مدينة المكلا وسواحل حضرموت. خلال هذه الفترة، تقام العديد من الفعاليات والأنشطة الترفيهية والثقافية التي تجذب آلاف الزوار من مختلف أنحاء اليمن والمناطق المجاورة. هذه الأنشطة تشمل مهرجانات فنية وموسيقية، وأسواق شعبية تعرض المنتجات والحرف اليدوية المحلية، بالإضافة إلى رحلات بحرية وأنشطة ترفيهية أخرى.

 

يُعد “موسم البلدة” السياحي مصدرًا مهمًا للدخل والعمل لسكان المكلا وأهالي المناطق المحيطة بها. فهو يوفر فرص عمل موسمية في القطاعات السياحية والتجارية والخدمية، كما يساهم في الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي للمدينة وتعزيز صورتها السياحية على المستوى الوطني.

 

 

وفقًا لمكتب الأشغال العامة، هناك 84 بائعًا متجولين يعرضون مجموعة متنوعة من الأطباق الشعبية والمأكولات خلال موسم المكلا السياحي. البيانات تشير إلى أن مبيعات هؤلاء الباعة ترتفع بمعدل الضعف عن الأيام العادية.

من جانب آخر، أفاد مكتب السياحة أن عدد الفنادق في المدينة بلغ 100 فندق، وسجلت هذه الفنادق نحو 20 ألف زائر خلال هذا الموسم السياحي. الجهات المختصة تقدر أن إجمالي عدد الزوار الذين وصلوا إلى مدن ساحل حضرموت خلال أيام موسم المكلا وصل إلى حوالي 100 ألف زائر. هذا يوضح مدى الترابط الاجتماعي الذي تحظى به حضرموت، حيث يأتي الزوار من خارج المدن الساحلية قاصدين منازل اقربائهم في المدينة.

 

شاب يبلغ من العمر 23 عامًا يُدعى أحمد عمر استطاع الاستفادة من هذه الفرصة وتحسين أوضاعه المعيشية. أحمد يعمل على بيع الباخمري والشاي التقليدي الحضرمي من خلال كشك صغير في أحد السواحل المزدحمة بالزوار.

 

قال عمر لـ”أصوات خضراء” :“ موسم المكلا السياحي هو الفترة الذهبية لنا كباعة متجولين، حيث يقبل الآلاف من الزوار على شراء منتجاتنا، مما يسمح لنا بتحقيق دخل إضافي مجٍز يساعدنا في إعالة أسرنا”.

 

خلال هذا الموسم، تُقام العديد من الحفلات والعروض الموسيقية والفنية التي تعكس التراث الفني والثقافي الحضرمي. هذه الأنشطة الثقافية تساهم في إحياء ونقل التراث الفني والموروث الحضاري لحضرموت إلى الأجيال الجديدة، كما تعزز الشعور بالانتماء والهوية لدى أبناء المحافظة.

 

 

خلال موسم السياحة في مدينة المكلا، تقام مجموعة متنوعة من الحفلات والعروض الفنية والثقافية التي تعكس التراث الفني والحضاري لحضرموت. هذه الفعاليات تشارك فيها مجموعات محلية من الفنانين والموسيقيين، وتستقطب آلاف الزوار والسكان المحليين.

يُقدر أن إجمالي عدد الزوار الذين وصلوا إلى مدن ساحل حضرموت خلال أيام موسم البلدة وصل إلى حوالي 100 ألف زائر

هذه الأنشطة الثقافية تساهم في إحياء وإبراز التراث الفني والحضاري لحضرموت، وتعزز الشعور بالانتماء والهوية المحلية لدى أبناء المحافظة. عبدالله برعية، رئيس شركة إسناد لتنظيم المؤتمرات والمهرجانات، أكد على أن هذه الفعاليات تشكل جزءًا أساسيًا من استراتيجية ترويج مدينة المكلا كوجهة سياحية متميزة.

 

“شركة إسناد نظمت العديد من الأنشطة الثقافية والفنية خلال الموسم السياحي للمكلا، بما في ذلك المسرح العائلي، وليالي الطرب العربي والحضرمي، ومعرض للرسوم المتحركة والأنمي، وأنشطة بحرية” قال  برعية لـ”أصوات خضراء” مؤكدا أن الشركة لديها خطط مستقبلية لتطوير مبادرات أخرى للترويج لمواسم سياحية أخرى في المكلا.

 

سالم شاكر، الناشط الإعلامي ورئيس مبادرة “لقيا” الشبابية، أكد في حديث خاص لـ”أصوات خضراء” على أهمية وجود فعاليات مصاحبة للموسم السياحي لجذب الزوار. وبالنسبة لموسم المكلا السياحي، فإن النشاط الرئيسي هو الاغتسال في مياه البحر، ولكن يجب أن تكون هناك فعاليات ومنافذ أخرى للزوار للاستمتاع بالرحلة كاملة”.

 

وفقًا لشاكر، فإن أبرز التحديات التي تواجه تطوير هذا الموسم هي غياب الدعم المادي والمعنوي من السلطات المحلية، وضعف التنسيق والتعاون بين المبادرات الشبابية. ويرى أنه إذا تبنت السلطات هذه المبادرات وساهمت في توفير الدعم لها، فسيكون لها أثر أكبر وامتداد أوسع.

 

 

وبالنسبة لموسم المكلا السياحي، فإن النشاط الرئيسي هو الاغتسال في مياه البحر، ولكن يجب أن تكون هناك فعاليات ومنافذ أخرى للزوار للاستمتاع بالرحلة كاملة

وتعد “منصة البلدة” التي تقيمها مبادرة “لقيا” إحدى الفعاليات التي اعتاد الشباب على وجودها في المواسم الماضية، وتتميز هذه المنصة بقربها من الساحل وانفتاحها على الجمهور من مختلف المناطق، بل وحتى من دول الخليج المجاورة، بهدف إضافة البهجة والفرحة للحضور.

 

يقول علي العفاري رئيس قسم التوعية والإعلام بصندوق النظافة والتحسين بساحل حضرموت: “نعمل كل عام في صندوق النظافة والتحسين على تنفيذ خطة عمل شاملة استعدادًا لموسم السياحة، تتضمن هذه الخطة زيادة وتيرة أعمال النظافة في الشوارع والسواحل، في ظل ارتفاع كمية المخلفات اليومية في المدينة إلى أكثر من 390 طن، والتي ترتفع خلال الموسم السياحي”.

 

وأضاف العفاري: “بالإضافة إلى ذلك، ننفذ حملات توعوية بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني، كما أشار إلى أن “الصندوق يواجه تحديات منها عدم شعور البعض بالمسؤولية تجاه النظافة، وصعوبات في تقليل ساعات عمل مهندسي النظافة بسبب ارتفاع درجات الحرارة”.

 

لطالما كان موسم البلدة في المكلا مجرد ظاهرة طبيعية سنوية، إلا أنه في السنوات الأخيرة تحول إلى مهرجان سياحي وثقافي زاخر، فبفضل جهود الجهات المعنية، أصبح هذا الموسم محطة انتظار للزوار المحليين، الذين يتوافدون إلى المدينة للاستمتاع بمناظرها الطبيعية ومياه البحر الباردة، وللمشاركة في الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة التي تقام خلال هذه الأيام، وقد ساهم هذا التحول في تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية في المكلا، وأضفى عليها طابعًا إبداعيًا وثقافيًا مميزًا، ولا شك أن هذا النجاح يدفع إلى تطوير هذا الموسم أكثر في السنوات القادمة، لجعله واجهة سياحية وثقافية لافتة لليمن على الخريطة العالمية.

اقرأ أيضاً