موجة الحر في تعز تدفع مواطنين إلى التوقف عن العمل

أصوات خضراء - إيناس الحميري

يشكو مواطنون في مدينة تعز الواقعة جنوب غرب اليمن، من ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في الآونة الأخيرة، مما دفعهم إلى تقليل أنشطتهم الخارجية والتوقف عن ممارسة بعض المهن الشاقة.

وصلت درجات الحرارة في مدينة تعز – يتراوح ارتفاعها بين 1120- 1680م فوق مستوى سطح البحر – أواخر مايو/أيار الماضي إلى 35 درجة مئوية.

ووجد المواطن سعيد نصر تغيرا في درجة الحرارة هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة حيث “كنا نشعر بشدة الحرارة في الأشهر الأخيرة لفصل الصيف لكن هذا العام مع حلول الصيف والجو كئيب والحرارة مرتفعة”، كما يقول لأصوات خضراء.

يضطر نصر في بعض الأيام إلى التوقف عن العمل بسبب ارتفاع الحرارة وتأثيراتها الصحية عليه فهو يعاني من مرض ارتفاع ضغط الدم.

يضيف “هناك الكثير من العمال بينهم ممن يعانون من أمراض مزمنة امتنعوا عن الشغل بسبب لهيب الشمس”.

وتمثل زيادة درجات الحرارة لكثير من المواطنين خصوصًا العاملين في مهن شاقة تحديًا حقيقيًا، إذ يضطرون للعمل خلال ساعات معينة أو التوقف الأمر الذي يفاقم وضعهم المعيشي لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.

يستيقظ الأربعيني محسن علي باكرا ليتناوب على العمل في مهنة الخباز لتجنب درجات الحرارة المرتفعة التي يزيد اللهب من شدتها.

يقول لمنصة أصوات خضراء: “أعمل حاليًا بدوام جزئي من الفجر حتى قبيل الظهر. أنا مضطر لذلك لتوفير المستلزمات الضرورية لعائلتي. فهذه المهنة هي مصدر دخلي الوحيد”.

وفاقمت التغيرات المناخية المتطرفة الاحتياجات الإنسانية في اليمن، مما أضاف طبقة أخرى من المعاناة السكان المتضررين من تداعيات الصراع الدائر في البلد منذ عشرة أعوام.

 

اقرأ/ي أيضاً: الأمم المتحدة: لم يبق أمامنا سوى عامين لإنقاذ الكوكب

 

زيادة ملحوظة

وفقًا لتقارير الأرصاد الجوية، سجلت درجات الحرارة في محافظات تعز وإب وصنعاء ارتفاعًا يتراوح بين 4 إلى 6 درجات مئوية فوق المعدلات الطبيعية لهذا الوقت من العام.

وتجاوزت درجات الحرارة في بعض المناطق 36 درجة مئوية، وهو ما يُعد غير معتاد لهذه المحافظات الجبلية المعروفة باعتدال مناخها.

بشكل عام، ارتفعت درجات الحرارة في اليمن بمقدار 1.8 درجة مئوية خلال العقود الخمسة الماضية.

“خلال العام الحالي زادت درجات الحرارة في مياه خليج عدن والبحر الأحمر عن معدلها الطبيعي بفارق يتراوح بين درجتين ودرجتين ونصف مئوية”، بحسب الباحث في شؤون المناخ إسماعيل قاسم، موضحًا أن ذلك يعود إلى “ظاهرة تُعرف في الأوساط العلمية بارتفاع قطبية إيجابية المحيط الهندي، هذه الظاهرة تحدث بشكل عشوائي في بعض السنوات، وتسهم في ارتفاع درجات حرارة مياه شمال المحيط الهندي، بما في ذلك منطقة خليج عدن وجنوب البحر الأحمر”.

ويشير إلى أن “محافظة تعز، بحكم قربها من البحر، تتلقى الطاقة الحرارية الناتجة عن ارتفاع حرارة البحر من البحر الأحمر وخليج عدن”. لافتًا إلى أن “هذا النمط يعتبر طبيعيًا وموسميًا، ولكنه شهد زيادة ملحوظة هذا العام بسبب ارتفاع درجات حرارة مياه البحر المصاحبة لظاهرة ارتفاع إيجابية قطبية المحيط الهندي”.

 

خيارات بديلة

وفي ظل انقطاع الكهرباء الحكومية وزيادة أسعارها في المحطات التجارية لجأ مواطنون في تعز إلى خيارات بديلة مؤقتة لمواجهة الحر القائظ.

على سبيل المثال، اضطر المواطن قاسم عبده إلى مغادرة مركز مدينة تعز بمعية عائلته إلى مدينة التربة بمديرية الشمايتين (جنوب المحافظة) بحثًا عن طقس معتدل.

يقول لمنصة أصوات خضراء ” الجو في المدينة كئيب والهواء غير نقي لجأت إلى مدينة التربة حيث الجو معتدل”.

ويشكو عبده مما أسماها “مصاعب متراكمة” تتمثل في غياب خدمات “الكهرباء والماء”. مضيفًا “لا نستطيع استخدام المراوح ومكيفات الكهرباء بسبب ارتفاع تكلفة الكهرباء التجارية”.

يوجد في مدينة تعز ما يزيد عن عشر شركات تجارية خاصة تبيع الكيلو وات للمواطنين بألف ريال يمني.

أيضًا من ضمن الخيارات البديلة لمواجهة ارتفاع درجة الحرارة، هو الخروج في رحلات للتنزه في أماكن تمتاز بطقس معتدل مثل المرتفعات الجبلية السياحية والأودية الخضراء.

فادية العبسي هي الأخرى توجهت إلى التربة لقضاء “وقت ممتع” مع عائلتها في فصل الصيف. تقول “تمتاز المنطقة بجو بارد وتكاليف العيش فيها ليست باهظة بالنسبة لنا فضلًا عن توفر الخدمات الضرورية”.

وفي هذا الجانب، ينصح قاسم الباحث في شؤون المناخ، المواطنين باتخاذ بعض التدابير أبرزها “عدم التعرض للشمس ومحاولة التأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة، لأن هذه الظاهرة ستزداد تكراراً وقوة خلال الأعوام القادمة”.

يقول لمنصة أصوات خضراء “ينبغي أيضًا على المزارعين التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة وزراعة المحاصيل التي تتحمل الحرارة والحفاظ على المياه الجوفية في حالات الجفاف المتعاقبة”.

 

اقرأ/ي أيضاً: لماذا اختارت اليمن في كوب28 زراعة مليون شجرة سِدر؟

 

تحذيرات

كما أنَ من المتوقع زيادة ارتفاع درجات الحرارة فوق 42 درجة مئوية في تسع محافظات يمنية من ضمنها تعز وذلك خلال الفترة بين 21 و30 يونيو الجاري، وفق نشرة الإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية، الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO).

وأضافت النشرة أن درجات الحرارة القصوى والعالية جداً ستكون على مستوى “خطر عالي” في محافظة عدن والمناطق الداخلية من محافظتي حضرموت والمهرة، والأجزاء الساحلية من لحج وتعز، فيما ستكون بقية المحافظات التسع تحت مستوى “تحذير” من درجات الحرارة المرتفعة.

بحسب “الفاو” فإن التأثيرات المتوقعة على الأنشطة الزراعية ستتركز في لحج والجزء الأوسط من محافظة حضرموت، ومن المرجح أيضاً أن تتأثر الموارد الزراعية الحساسة للتغيرات في درجات الحرارة على طول ساحل البحر الأحمر.

 

 

تحرير| أصوات خضراء

اقرأ أيضاً