مشاكل بيئية بارزة في اليمن وحلول مقترحة

الدكتور مساعد عقلان*

تواجه اليمن أزمات بيئية متعددة ومن أبرز هذه المشاكل تدهور الموارد الطبيعية، التلوث، التصحر، وتغير المناخ. ومع ذلك، يمكن القول إن أزمة المياه هي الأبرز والأكثر تأثيراً على البلاد.

 

لماذا أزمة المياه المشكلة الأبرز؟

من جميع المشاكل البيئية في اليمن قضية المياه هي التحدي الأكبر. يعاني اليمن من شح شديد في المياه، حيث يبلغ معدل نصيب الفرد من المياه المتاحة ما قيمته 75 مترًا مكعبًا وهذا لا يمثل سوى حوالي واحد في المائة من المتوسط العالمي للفرد (5,925 متر مكعب) و14% من متوسط نصيب الفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (554 متر مكعب). كما تشير التوقعات إلى أن نصيب الفرد من المياه المتجددة قد ينخفض إلى 55 مترًا مكعبًا بحلول عام 2030.

هذا التحدي في أمن المياه ليس فقط نتيجة لعوامل طبيعية مثل ندرة الموارد المائية والهطول المطري المحدود، بل أيضاً بسبب العوامل البشرية مثل سوء الإدارة والاستخدام غير المستدام، وتدهور البنية التحتية. تعتبر أزمة المياه هي الأزمة الأبرز لأنها تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس، الصحة العامة، الزراعة، والاقتصاد.كما زادت حدة مشكلة الأمن المائي في السنوات الأخيرة نتيجة للحرب والتغيرات المناخية المتزايده والأزمة الإنسانية التي تعصف بالبلاد منذ عقد من الزمن.

 

يعتبر اليمن من أكثر البلدان العربية شحة في المياه والاستخدام غير الرشيد لهذه المصادر الشحيحة يعجل من استنزافها ويؤثر على استدامتها ويعرض أمن البلاد المائي للخطر. تسببت الحروب والصراعات المستمرة أيضاً في تدمير البنية التحتية للمياه وتقادمها وتآكل الأنظمة وتعطيل عمليات خدمات المرافق وعمليات الصيانة.

 

التغلب على أزمة المياه.. الحلول ودور السلطات

وللحد من أزمة المياه يجب تحسين إدارة الموارد المائية والتي تحتاج إلى منظومه متكاملة من الإجراءات أهمها:

  • مراجعة وتطوير السياسات والاستراتيجيات ذات العلاقة والتي تضمن الاستخدام الأمثل والمستدام للمصادر.
  • رفع كفاءة الري والحد من اتساع الرقعة الزراعية على حساب المياه الجوفية.
  • إعادة تأهيل البنية التحتية وتحسين شبكات توزيع المياه وتقليل قيمة الفاقد.
  • استخدام تقنيات حصاد مياه الأمطار كالمدرجات الزراعية والري السيلي والبرك وغيرها من التقنيات.
  • رفع الوعي حول أهمية ترشيد استهلاك المياه على المستوى الشعبي والرسمي.
  • دعم المشاريع والتكنولوجيا التي تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام المياه وإعادة استخدامها وبما يتناسب مع خبرات واحتياجات السكان وبحسب خصائص المناطق المختلفة في اليمن.

 

ويقع على عاتق السلطات دور أساسي في تنفيذ هذه الحلول من خلال وضع السياسات والتشريعات المناسبة وتخصيص الميزانيات اللازمة لتطوير البنية التحتية. كما أنه من المهم أيضاً التعاون مع المنظمات الدولية لدعم المشاريع المتعلقة بالمياه مع تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد المائية.

 

تذبذب الأمطار وعلاقته بتغير المناخ

 

هناك تغيرات في الأمطار ويمكن الربط بين الأمطار والتغيرات المناخية سواء فيما يتعلق بتراجع الأمطار أو تغير مواسمها.

التغيرات المناخية تؤدي إلى تقلبات في أنماط الطقس، مما يؤدي إلى فترات جفاف أطول وأمطار متفاوتة في مناطق غزيره جداً وفي مناطق أخرى أقل. وهذه الظواهر تعتبر نتيجة مباشرة للتغيرات المناخية التي تؤثر على النظام البيئي بشكل عام.

 

أزمات بيئية أخرى

 

في اليمن، تتعدد الأزمات البيئية التي تؤثر على استدامة الموارد الطبيعية وصحة النظام البيئي.

التوسع الحضري على حساب الأراضي الزراعية أحد هذه العوامل. حيث تتوسع معظم المدن والمراكز الحضرية على حساب الأراضي الزراعية وهذا التوسع يؤدي إلى تقلص المساحات الزراعية خصوصا تلك التي تعتمد على الأمطار مما يؤثر على الأمن الغذائي ويزيد من الاعتماد على الواردات.

 

تدهور التربة نتيجة للبناء والتلوث والمبيدات يقلل من خصوبة التربة ويعوق الزراعة المستقبلية. أضف إلى ذلك أن التوسع الحضري يؤدي إلى زيادة في النفايات الصلبة والسائلة والمواد البلاستيكية، والتي غالباً ما تُلقى على الطرقات وفي الوديان والمناطق الريفية، مما يزيد من تلوث المياه والبيئة والتربة.

 

المحميات الطبيعية والمناطق الرطبة تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتوفير موائل للعديد من الكائنات الحية. ومع ذلك، فإن هذه المناطق تعاني من إهمال نتيجة سوء الحماية والاعتداءات أو الصيد غير المشروع. كما أن البناء وتصريف النفايات الصناعية والزراعية في المناطق الرطبة يضر بالنظام البيئي ويؤثر على الحياة البرية.

 

الصيد الجائر..اليمن موطن لمجموعة متنوعة من الكائنات النادرة، منها النمر العربي، المها العربي، الغزلان، وأنواع مختلفة من السلاحف البحرية. لكن الصيد الجائر يهدد هذه الكائنات وأدى إلى انخفاض حاد في أعداد الكائنات البرية والبحرية النادرة. ان فقدان التنوع البيولوجي يؤثر على الاستدامة البيئية، وفقدانه يؤثر على التوازن البيئي.

 

من العوامل البيئة الأخرى التي تعاني منها اليمن هي التغيرات المناخية التي زادت حدتها مؤخرا وأدت إلى زيادة السيول وارتفاع في درجات الحرارة وتغيرات في مواسم الأمطار والجفاف. كل هذه العوامل سببت موجات نزوح وتدمير للمتلكات وخسائر في الأروح. يقدر أن ما نسبته 10% من اجمالي النازحين في اليمن هو بسبب التغيرات المناخية. وإضافة إلى الإعصارات التي زادت من حدة السيول والخسائر خصوصا في المناطق الساحلية فإن ارتفاع منسوب البحر أيضاً يهدد المناطق الساحلية والمجتمعات التي تعيش هناك.

 

 

د.مساعد عقلان 

هو باحث في مجال البيئة وتغير المناخ، مسؤول ملف المياه والبيئة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.

اقرأ أيضاً