” تتوقف الحياه فور حلول الأزيب” يقول سامي أحمد أحد سكان مديرية المخا وهو يحمي أنفه من الأتربة المثارة بسبب الرياح الموسمية التي تهب إلى المديرية على الساحل الغربي لمحافظة تعز.
” الرياح والأتربة تحجب الرؤية وتوقف حركة السير، بل في أحيان لا نستطيع الخروج من منازلنا حتى، نعلم أنه لا يمكن إيقاف هذه الرياح وهذا أمر سيء، لكن ثمة فرصة لتخفيف الآثار المترتبة”. يضيف في حديثه لـ”أصوات خضراء“.
مع مجموعة من النشطاء المجتمعيين يشارك سامي في حملة تشجير أطلقها عضوء مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح منذ أغسطس الماضي باسم “الحزام الأخضر“، آملين أن تحقق الأشجار وظيفتها المرجوة كمصدات رياح تخفف موجات الغبار التي تغرق بوطأته قرى بأكملها ضمن المديرية المحاذية لمضيق باب المندب أحد أهم منافذ التجارة العالمية.
يقطن سكان قرى الشاذلية في مديرية المخا منازلا من الطين مسقوفة بالخشب وصفائح من البلاستيك، وهي مؤقته رغم بناءها المتقن “نغادر هذه المنازل التي تغرق سنويا بالرمال”قال فتيني.
تنتج ظاهرة الأزيب عن الرياح الجنوبية الغربية التي تنشط في مناطق جنوب البحر الأحمر من نوفمبر/ تشرين ثاني وتستمر حتى أبريل/ نيسان بسبب فرق الحرارة بين سطح الأرض والبحر.
لكن ما يجعل تياراتها أكثر شدة وتأثيرا على المخا وما قاربها “هلاك الأعشاب وندرة الأشجار، هذه المدينة مفتوحة على مصراعيها أمام الرياح .” قال خبير الأرصاد الجوية والبحرية في المخا، محمد القوح لـ”أصوات خضراء“، مشيرا إلى ما ستقدمه الأشجار المزروعة حديثا من حلول عملية.
نزوح فصلي
يقطن سكان قرى الشاذلية في المديرية ذاتها منازلا من الطين مسقوفة بالخشب وصفائح من البلاستيك، وهي مؤقته رغم بناءها المتقن “نغادر هذه المنازل التي تغرق سنويا بالرمال” قال أحمد فتيني(40) عاما لـ”أصوات خضراء “نحمل امتعتنا ونغادر إلى مناطق متفرقة بعد أن نكون قد شيدنا فيها باستخدام جذوع الأشجار وبقايا أقمشة منازل بديلة مؤقتة”.
في آخر عامين أطلقت السلطات المحلية هناك نداءات استغاثة ناشدت خلالها المنظمات بإنقاذ قرى الشاذلية من الغرق بالرمال، ومع أن فرق تابعة للمقاومة الوطنية تمكنت في جرفها بعيدا عن المنازل، إلا أن خسارة باهظة بقيت في حسبان الأهالي وحدهم “خسرنا عدد كبير من المزارع” يقول فتيني، إلى جانب” نقلت أكوام الرمل التي علت المنازل إلى أماكن قريبة قبل أن تتكفل الرياح بتحريكها إلى أراضي كانت مزروعة وجاهزة للحصاد “.
قد يهمك.. “اليمن.. السلاحف البحرية على الحافَّة” ندوة رقمية
ظاهرة الأزيب شديدة التأثر بالتغير المناخي، فانخفاض معدلات هطول الأمطار يؤدي إلى تجفيف التربة الرملية المحاذية للشواطئ، وبالتالي انجراف كمية أكبر منها مع الرياح.
وسجّل في اليمن تصحر حوالي 405الف كم مربع من الأراضي الزراعية- ما نسبته أكثر من 70٪ من إجمالي الأراضي – نتيجة أسباب عدة بينها التعرية الجوية. وفق النشرة الاقتصادية لوزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وذكر البنك الدولي في تقرير جديد له في 18 يناير، 2022 “أن ضعف الحوكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يزيد من تفاقم أزمة الأراضي، ودعا إلى إجراء إصلاحات واسعة النطاق لتحسين استخدام الأراضي، والضغوط الناجمة عن تغير المناخ ونمو السكان.
التقرير الصادر تحت عنوان: “أهمية الأراضي” يوضح كيف أن الاستمرار في تدهور الأراضي في منطقة تشكل الصحراء 84% من مساحتها يؤدي إلى تفاقم مشكلات شح المياه التي تهدد الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية.
أعباء إضافية
تضاعف الرمال مشاق النساء في الاهتمام بنظافة البيوت وكنس الرمال التي لم ينتزعها التنظيف المتكرر من عقيرة الدار، بحسب السيدة نعمة علي (55) عاما إذ أنها هي الأخرى تتجدد باستمرار ” حتى واحنا في عز الصيف”، تقول نعمة باستنفار.
تأخذنا السيدة نعمة في جولة داخل منزلها، الواقع ضمن عدد شاهق من المنازل وسط مدينة المخا، لترينا أكوام رمال لم تحد البيوت الحجرية من تدفقها الزاحف إلى سلالم البيت الداخلية وأواني الطعام والجدران المغلفة بالطين لامتصاص قيض الصيف، تقول وهي تشير من سقف منزلها إلى سحب غبار تتلوى وتتكاثف في الريح ” كنا ساكنين في الريف ولما دفنت الرمال المزارع والبيوت حقنا بعنا كل شيء وبكنا (أتينا) المدينة واستأجرنا هذا البيت”.
وتلقي الرياح الموسمية الشديدة التي تضرب بلا هوادة مناطق السواحل الغربية لليمن، بظلالها على حياة السكان، بيئياً وصحياً واقتصاديا، بجانب ما تسببه الرمال المتحركة الزاحفة من توقف للحركة وإصابة النشاط التجاري بالعطل.
يقول الدكتور عبدالله صالح، دكتور بمستشفى ذوباب، أن الرياح المصحوبة بالأتربة تسبب اضرار صحية على حياة السكان، اولهم المرضى المصابون بالربو، كذلك كبار السن والاطفال.
ويضيف صالح في تصريح لـ”أصوات خضراء” لذلك نؤكد على الاشخاص المصابين بالربو البقاء في المنازل في مثل هذا الموسم عدم التعرض المباشر للأتربة والغبار وبكتيريا ضارة تنقلها الرياح من مناطق التصحر والجفاف.
ويمني السكان في هذه المناطق أنفسهم النأي بمزارعهم عن زحف الرمال ولو بشكل تدريجي، من خلال الحفاظ على الغطاء النباتي والعمل على الزيادة من كثافته.
في أول مراحل حملة الحزام الأخضر، زرعت نحو 1500 شجرة في أطراف المدينة، فيما ستشمل باقي المراحل شوارعها العامة والفرعية ومداخلها.
يؤكد مدير مكتب الزراعة قليهط، بإن من شأن حملة الحزام الأخضر ومبادرات الأهالي التخفيف عن المدينة مضاعفات الرياح من الأتربة وكميات الرمل والتصحر وسيوقف زحف الرمال نحو المزارع والقرى وأماكن الزراعة.
بدوره يتحدث القوح، بإن “مشروع الحزام الأخضر سيقلل مخاطر الأتربة، ويقلص أماكن التصحر الرملي وسيجدد من صحة البيئة”.
إقرأ المزيد:
كيف يؤثر تغير المناخ على البيئة وسبل العيش في اليمن؟ باحثة أمريكية تجيب
كفاح اليمن الخاسر ضد تغير المناخ : تنظيم القاعدة يستغل الأزمة!